السؤال رقم: 94 هل كتب النبي محمد صلى الله عليه وسلم القرآن العظيم؟

السؤال رقم: 94 هل كتب النبي محمد صلى الله عليه وسلم القرآن العظيم؟

الإجــابة القرآن كان يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم طيلة ثلاث وعشرين سنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحفظه ثم يقرأه على الصحابة، فمنهم من يحفظه في صدره مثل النبي وهم الكثرة، ومنهم من كان يكتبه وهم القليل، ومن هؤلاء القليل من خصصهم النبي صلى الله عليه وسلم لكتابة القرآن متفرقا غير مجموع في كتاب واحد، ذلك أن سور القرآن لم تكن تنزل أحيانا كاملة مرتبة، وإنما متفرقة على فترات، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يخبر الصحابة بموضع ومكان كل مجموعةِ آياتٍ جديدةٍ تتنزل بأن هذه الآيات ضعوها في سورة كذا أو بعد آيات كذا. ويمكننا تفصيل الجواب بشكل أكبر على هذا السؤال من وجوه هي: الأول: أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن يكتب ولا يقرأ، بل هو أمي لم يتعلم القراءة والكتابة، قال تعالى: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لاَّرْتَابَ الْمُبْطِلُون } [سورة العنكبوت:48]، وأمته أمية لا تقرأ ولا تكتب في ذلك الزمان، ولذلك كانوا يعتمدون على الحفظ في كل شؤونهم، وكانت ملكة الحفظ لديهم عجيبة، فكان الإنسان يحفظ الكلام أو الشعر عند سماعه لأول وهلة. الثاني: أن العرب أمة كانت تتمتع بذائقة بيانية عالية، وبحافظة قوية، ولذا حفظوا الشعر الجاهلي كله ولم يضع منه شيء، رغم أنهم لم يُتعبدوا بحفظه، فلما جاءهم القرآن العظيم حفظوه حفظاً دافعه التعبد لله رب العالمين، والمحبة لهذا التنزيل المبارك الذي وجدوا فيه الهدى والنور والشفاء والنصر والتمكين في الأرض، وأعانهم -بعد الله- على ذلك ما عندهم من الذائقة اللغوية، والحافظة العجيبة؛ فوضح لهم أن نظم القرآن كان في غاية الإعجاز، بحيث لو بدلت كلمة عن مكانها، أو سقطت كلمة، لاختل النظم، وتنبه القارئ لذلك، ولذا لما سمع أعرابي قارئاً يقرأ قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم } [سورة المائدة:38]، فسمعه أخطأ قائلاً: وهو الغفور الرحيم، فقال: لو غفر ورحم ما قطع، أي أنه أنكر على القارئ قراءته، رغم أنه لا يحفظ القرآن، لكن ذائقته العربية ترفض هذا التركيب المحدث. الثالث: أن القرآن العظيم جاء بلغة سلسلة سهلة ميسرة للحفظ والفهم، قال تعالى: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا } [سورة مريم:97]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر} [سورة القمر:17]، فمن أجل ذلك حفظه المسلمون، وكان حفظه ميسراً عليهم، حتى إنك لتجد القارئ المسلم غير العربي يحفظ القرآن كاملاً، وهو لا يجيد كلمة من العربية، فسبحان من يسره، وجلعه ميسراً للعالمين. الرابع: أن القرآن الكريم وحيٌ أوحاه الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام، فبلغه النبي صلى الله عليه وسلم كما أوحي إليه، وكلما نزلت آيات قرأها عليهم وكتبها الصحابة القلائل الذين يحسنون الكتابة أو تعلموها رضي الله عنهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ومن كتبة الوحي الخلفاء الأربعة والزبير وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان وثابت بن قيس وحنظلة بن الربيع الكاتب وخالد بن الوليد رضي الله عنهم. الخامس: أن الله تكفل بحفظه، وحفظ السنة أيضاً؛ لأنها وحي كذلك، ولذا لما كان الوحي يتنزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان يتعجل قراءته مخافة أن ينساه، فأمره الله ألا يحرك به لسانه لحظة تنزل الوحي، ووعده الله أن يحفظه عليه، قال تعالى: {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَة وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَه لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِه إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَه فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَه } [سورة القيامة:14-18]. السادس: أن القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان محفوظاً في صدر النبي صلى الله عليه وسلم، وفي صدور الصحابة رضي الله عنهم، وكان أيضاً مكتوباً كله كما سبق، لكن لم يكن مجموعاً في كتاب واحد، ولم يكونوا يهتمون بجمعه في كتاب واحد لكثرة حفظته بينهم، لكن لما توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وارتدت أغلب قبائل العرب -حديثة العهد بالإسلام- وقاتلهم الصحابة رضي الله عنهم، قُتل من حملة القرآن وحفظته مجموعة كبيرة، فخشي عمر رضي الله عنه أن يكثر القتل في الحفظة فيضيع القرآن؛ فاقترح على الخليفة الصديق أبي بكر رضي الله عنه أن يجمع القرآن العظيم؛ فتم جمعه في عهد الصديق رضي الله عنه. ولعل الجواب بهذا قد اكتمل، وعرف القارئ لِم لم يكتب الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن في وقته في كتاب واحد. ينظر موسوعة القرآن وتراجم معانيه: http://www.quranenc.com الرقم المُوحد: 2870

المصدر

التصنيفات

الأسئلة المتعلقة

وافتروا على أبي عبد الله رحمه الله أنه قال عن الصلاة عند قبر الحسين -رضي الله عنه- المزعوم وحاشاه: (لك بكل ركعة تركعها عنده كثواب من حج ألف حجة، واعتمر ألف عمرة، وأعتق ألف رقبة، وكأنما وقف في سبيل الله ألف ألف مرة مع نبي مرسل)[758]. وافترى الكليني أن رجلا ...

ﺟ43: لأن السائل لا يأتي كل امرأةٍ.

الجواب: إذا كان الأمر كما قلت، وأن الذبائح لا تذبح على الطريقة الإسلامية، وكان في البلد لحمٌ كلحم السمك، أو أمكن أن يشترك الإخوان في ذبيحةٍ يذبحونها على الطريقـة الإسلامية، فـلا شك أن الإنسان يترك ما يشك فيه إلى ما لا يشك فيه.

ﺟ33: مثل هذه المرأة التي أصابها نزيف الدم حكمها: أن تترك الصلاة والصوم مدة عادتها السابقة قبل هذا الحدث الذي أصابها، فإذا كان من عادتها أن الحيض يأتيها من أول كلّ شهرٍ لمدة ستة أيامٍ مثلًا، فإنها تجلس من أول كلّ شهرٍ مدة ستة أيامٍ لا تصلّي ولا تصوم، فإذا ...

إن الدين في الأصل يأتي ليُخفف عن الناس كثيرًا من القيود التي يفرضونها على أنفسهم. ففي الجاهلية وقبل الإسلام على سبيل المثال، كانت قد انتشرت ممارسات بغيضة كوأد البنات وتحليل أنواع من الطعام للذكور وتحريمها على الإناث، وحرمان الإناث من الميراث، إضافة إلى أكل الميتة والزنا وشُرب الخمور وأكل مال ...
تم الإرسال بنجاح